[b]شاعر بني عذرة ............جميل بثينة
ايا ريح الشمال أما تريني اهيم وانني بادي النحول
هبي لي نسمة من ريح بثن ومنّي بالهبوب على جميل
وقولي : يا بثينة حسب نفسي قليلك او اقل من القليل
كانت هذه أول أبيات أستمع اليها من شعر جميل وساعتها تمنيت لو أن بين يدي ديوان شعره كله , أطالعه
وأتامله وأتوقف مع قصة هذا الفتى العذري ـ قبيلة عذرةـ الذي أصبح علما على هذا اللون من الحب العف ,
يسمو بحرمانه وعفته وشفافيته , ويرتفعن شهوات النفس ومطالب الجسد , ممتلىء الوجدان بالمعنى الروحي
........في شعر جميل بثينه , نتعرف على أرقى نماذج الحب العذري وأصفاها وأصدقها وأشدها حرارة ..,
ويحدثنا التاريخ ان جميل بن عبد الله بن معمر العذري سبت فؤاده بثينة بنت حبا بن جنّ بن ربيعه العذري
فالشاعر وحبيبته ينتميان الى شجرة واحدة في النسب , ويقيمان معا في مكان واحد وادي القرى ـ وهو موضع
في الحجاز قريب من المدينة..0
وكما حدث لقيس بن الملوّح وليلاه بعد ان ذاعت قصة حبهما وتناقلت أخبارهما الركبان فحرمت عليه وزوّجت من غبره ....., حدث لجميل بثينة, بعد ان ذاع شعره فيها وهيامه بها , وتحدث بهما الناس في القبيلة وخارج
القبيلة , حتى اذا جاء جميل الى ابيها خاطبا رفضه ابوها خشية ان يقال انه زوجها منه سترا لعارها .....
وتزوّج بثينة الى فتى من عذرة : هو نبيه بن الاسود ...لكن زواجها لا يمنع جميل عنها , فهو يزورها خفية في بيت زوجها , ويقول فبها القصيدة بعد القصيدة , وتساعده هي وتدبر له الامرحينا ثم تصد عنه أحيانا وهو في الحالين مستطار اللب طائر العقل , مسلوب القلب.............
زتمضي الايامويدب اليأس في قلب جميل , فيهاجر الى مصر ويمرض فيها مرضه الاخير ....حتى اذا حضرته
الوفاة كانت أخر كلماته من أجل بثينه حبا ...., ويموت جميل سنة اثنين وثمانين من الهجرة ويبقى من بعده صوته الشعري ينطق بعذريته وعفته صدقه .........
والقصيدة التي نطالعها الان لجميل هي اشهرقصائده واطولهاواكثرها تعبيرا عن عشقه المتوهج , وأسلوبه الذي
يتفق في الكثير من جوانبه مع الطابع العام لشعر العذريين , أمثال قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) وكثير عزة,
وقيس لبنى , وعروة بن حزام وأبي صخر الهذلي وغيرهم .
يقول جميل بن معمر :.........
الا ليت ريعان الشباب جديد ودهرا تولى ـ يا بثين ـ يعود
فنبقى كما كنا نكون , وأنتمو قريب واذ ما تبذلين زهيد
وما أنسى م الاشياء لا أنسى قولها وقد قربت نضوى :أمصر تريد؟
ولا قولها : لولا العيون التي ترى لزرتك فاعذرني فدتك جدود
خليلي ما القى من الوجد باطن ودمعي ـ بما أخفي الغداة ـ شهيد
الا قد ارى والله ان رب عبرة اذا الدار شطّت بيننا ستزيد
اذا قلت : ما بي يا بثينة قاتلي من الحب , قالت :ثابت ويزيد
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به تولّت وقالت : ذاك منك بعيد
فلا انا مردود بما جئت طالبا ولا حبها فيما يبيد يبيد
جزتك الجوازي يا بثن سلامة اذا ما خليل بان وهو حميد
وقلت لها : بيني وبينك فاعملي من الله ميثاق له وعهود
وقد كان حبيكم طريفا وتالدا وما الحب الا طارف وتليد
وان عروض الوصل بيني وبينها وان سهلته بالمنى لكؤود
وأفنيت عمري بانتضاري وعدها وابليت فيها وهو جديد
ويحسب نسوان من الجهل انني اذا جئت اياهن كنت اريد
فاسم طرفي بينهن فيستوي وفي الصدر بون بينهن بعيد
الا ليت شعري هل ابيتن ليلة بوادي القرى اني اذا لسعيد
وهل اهبطن ارضا تظل رياحها لها بالثنايا القاويات وئيد
وهل القين (سعدى )من الدهر مرةً وما رثّ من حبل الصفاء جديد
وقد تلتقي الاشتات بعد تفرق وقد تدرك الحاجات وهي بعيدة
اذا جئتها يوما من الدهر زائرا تعرض منفوض اليدين صدود
يصد ويغضي عن هواي ويجتني ذنوبا عليها انه لعنود
فأصرمها خوفا كأني بجانب ويغفل عنا مرة فنعود
ومن يعطي في الدنيا قرينا كمثلها فذلك من عيش الحياة رشيد
يموت الهوى مني اذا ما لقيتها ويحيا اذا فارقتها فيعود
يقولون : جاهد يا جميل بغزوة وأي جهاد غيرهن أريد
لكل حديث عندهن بشاشة وكل قتيل عندهن شهيد
وأحسن أيامي , وأبهج عيشتي أذا هيج بي يوما وهن قعود
تذكرت ليلى فالفؤاد عميد وشطّت نواها فالمزار بعيد
علقت الهوى منها وليدا فلم يزل الى اليوم ينمي حبها ويزيد
فما ذكر الخلان الا ذكرتها ولا البخل الا قلت سوف تجود
اذا فكرت قالت : قد أدركت وده وما ضرني بخلي , فكيف أجود
فلو تكشف الاشياء , صودف تحتها لبثنة حب طارف وتليد
ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنني أضاحك ذكراكم وانت صلود
فهل القين فردا بثينة ليلة تجود لنا من ودها ونجود
ومن كان في حبي بيثينة يمتري (فبرقاء ذي ضال ) عليّ شهيد