[b]مختصر تاريخ الادب الاندلسي
مقدمة :.
شهد الادب في هذا العصر تطوراً واسعاً من نواحيه المختلفة , وبلغت مرحلة من التطور لابد لها بعدها من
جنوح أو هبوط أو جمود فقد أتسع النطاق المكاني لهذا الادب وتعددت أسماء الذين يستوقفون الدارس الادبي
وبعد ان كانت قرطبة من قبل هي الدائرة الكبرى التي ينجذب اليها الأدباء من شتى النواحي , تكاثرت المراكز
الادبية وكثر الممدوحون وحماة الأدب ورعاته , وكثرت دواوين الانشاء , وتعدد الوزراء الكتاب الشعراء ,..
وأصبحت المنافسة أشد واقوى . فالحركة الطبيعية في التطور هي رائدنا في تقدير ما بقي لدينا من أدب ذلك
العصر.
والان ..اذا اردنا ان نلقي نظرة عن كثب في تاريخ الادب الاندلسي علينا أن نقسمه الى عدة أقسام لكي نستطيع
نصل الى افضل نتيجة نصبوا اليها ,ولبندأ أولاً بـ
النقد الادبي :.
لم يصلنا مؤلف نقدي كامل مستقل يمثل أتجاها ً واضحاًفي النقد الاندلسي لهذا العصر سوى كتاب (احكام صنعة
الكلام)لمحمد بن عبد الغفور الكلاعي وهو ممن صحب ابن بسام وكان من طبقته , بل ولم تكن هناك نظرات
نقدية جامعة كالتي وجدناها عند ابن شهيد وابن حزم الا ان المادةالنقدية التي نسمع عن تداولها هي : مؤلففي
نقد الشعر لابي بكر حزم بن محمد أخذه عنه سليمان بن راشد اللخمي بطليطلة, كتبة سنة 457, كما روى عن
ابن شرف كتابه (أعلام الكلام) , وأختصر محمد بن عبد الملك الشنتريني كتاب العمدة لابن رشيق ونبه على
اغلاطه .., ولذلك فان مصادرنا اذا شئنا تصور الحركة النقدية في هذا العصر تقع في اربع فئات:.
1ـالروايات المتناثرة التي تمثل آراء جزئية مبينةعلى التذوق المحض .
2ـ المقامة النقدية ولدينا منها ( اعلام الكلام)لابن شرف ورسالة لابن فتوح في معارضتها , والمقامتان
الثلاثون والخمسون من المقامات اللزومية للسرقسطي .
3ـ كتاب أحكام صنعة الكلام للكلاعي
4ـالآراء النقدية التي بني عليها مؤرخو الشعر احكامهم وفي طليعة ذلك كتاب الذخيرة لابن بسام وكتاب الفتح
بن خاقان ( القلائد و المطمح) ومقدمة ابن خفاجة التي صدر بها ديوانه.
الموشحات الاندلسية:.
حين سارت القصيدة الاندلسية في (طريقة العرب )كانت عبثاً للجزالة والتدفق في الاسلوب وحين سارت في
طريق المحدثين إكتظت بالصور أو انتحلت بعداًفكرياً جديداً فآثرت الانسياق في بعض التياراتالفلسفية وفي كل الاحوال فقدت غير قليل من الغنائية الشفافية الرقيقة وكان لابد من توازن يحفظ التوازي , ولذلك اتسع نطاق
الموشح لتتسع الناحية الغنائية , فالموشح بهذا المعنى ثورة على طبيعة القصيدة فهو حركة تجديدية , وهو ايضاً
رجعة الى الغناء من وجهة نظر اخرى , اي هو زخرف حضاري قد ينطوي على كل مقومات السطحية الجذابة والترف المسترخي .
أما سبب تسمية الموشحات فقد زعم بعض المتاخرين حين حاولوا تعليل هذه التسمية انها مستقة من (الوشاح)
وهو حسبما تقول المعاجم : (كرسان لؤلؤوجوهر منظومان مخالف بينهما معطوف أحدهما على الاخر )ولعل
هذا الفهم متصل بالمراوحة في الموشح بين ما سمي الاقفال والاغصان وهذه هي صفة الوشاح لكنها ليست صفة
الشيء الموشح, اذ الموشح (الملُعلمّ) بلون او بخط يخالف سائر لونه او الثوب حين تكون فيه زخرفة , وهذا هو الاشبه ـ في نظري ـ لنشأة هذه التسمية فقد تصور الاندلسيون هذا النوع من النظم كرقعة الثوب وفيه خطوط..,
(أوسمها أغصاناً)تنتظمه أفقياً او عمودياً.
المراحل التي سارفيها الوشح..........
قدرت ان تكون الحاجةالغنائية في طليعة العوامل التي ساعدت على ظهور الموشح ولكني اغفلت في هذه الحاجة
ذكر عنصر هام , وهو أتخاذ الموشح وسيلة للترديدعلى أبواب الممدوحين أي التغني به ـ في طريقة النشيدـ كما
يتغنى القوالون بهذه القصيده او تلك ومعنى ذلك ان الموشح أخذ في نشأته الاولى يخدم غايتين أحدهما الغناء وثانيهما التكسب , وينسب ابن بسام أختراع الموشح الى رجل ضرير من قبرة أسمه المقدم بن معافى القبري , وهذا الثاني كان شاعراً معروفاً ايام عبد الرحمن الناصر , كما يقول الحميدي , وقال صاحب المسهب انه من شعراء الامير عبدالله المرواني , وليس بين القوالين فرق كبير اذ قد يكون شهد رفاً من عهد الامير عبد الله ..,
وطرفاً من عهد الناصر , اما محمد بن حمود فلا تذكر المصادر متى عاش وانا ارجح انه هو مخترع الموشح دون مقدم , وانما اميل الى هذا الترجيح لانه يتفق وما فرضته من حاجة ضرير قوّال الى نظم هذا اللون من
المنظوم من اجل التكسب به بطريقة لافته.
الزجل الاندلسي :.
من الامور التي تلفت الناظر في تاريخ الموشحات والازجال ان يكون الاثنان اللذان شرحا قواعد هذين الفنين مشرقين على الرغم من ان الاندلس هي المنبت الاول لهذين الفنين , فكما ان ابن سناء لملك هو الذي فسر قوانين التوشيح , كان صفي الدين الحلي في كتابه ( العاطل الحالي )مفسر لكيان الازجال وتاريخها , أما الاندلسيون فلم يصلنا شيء من تحليلها للأزجال ووصفها وتاريخها وطريقة نظمها , بأستثناء بعض الملاحظات التي ذكرها ابن قزمان في مقدمة ديوانه , وبعض الملاحظات التي قيدها ابن خلدون في مقدمته.......
وحفظت الايام من يد الضياع ديوان ابن قزمان وقد كان لهذا الزجال ديوانان : احدهما صغير سماه (أصابة الأغراض في وصف الاعراض )جمعه لممدوحه الوشكي , والثاني ديوان كبير والاول منهما هو الذي وصلنا
, وهو يحتوي على 146 زجلاًوهو بطبيعة الحال لا يحتوي على كل أزجال أبن قزمان فقد أورد ابن مباركشاه
صاحب السفينة عدداً من الازجال لابن قزمان لم ترد في ديوانه المذكور , كذلك يجب ان نلاحظ اختلاف الرواية بين ديوان ابن قزمان زما ورد من لأزجاله في مصادر اخرى كالسفينة والوافي والمغرب ....
اما ديوان ابن قزمان نفسه , وهو انفس أثر زجلي اندلسي فقد نسخ بمدينة صفد الفلسطينية في منتصف القرن السادس .......
نشأة الزجل وتطوره :.
قدّرت ان تكون الحاجة الشعبية الى الغناء هي السبب المباشر في نشاتها بالاضافة الى التأثر بالاغنيات الشعبية الاعجمية الشائعة يومئذ في الاندلس فالزجل في بدايته أغنية شعبية , لم تبدأ الا حين تم أزدواجاللغة العربية في الاندلس لانقسامها بين لهجة دارجة وأخرى مكتوبة .......
النثر الاندلسي :.
وهنا مقام التفضيل في انواع الاشكال النثرية , من رسالة وخطبة مكتوبة ومقامة وكانت اهم ظاهرة تتخللها جميعاً
هي أشتداد روح السخرية , ومنح الموضوعات الصغيرة التافهة شكل الموضوع البطولي الجاد...
وجرت جميع تلك الاشكال النثرية في أكثر الاحوال على نظام السجع وعلى التفنن في ضروبه ,لا يستثنى من
ذلك الا بعض الناثرين او بعض آثارهم مثل المؤرخ ابن حيان وبعض رسائل ابن زيدون وأحمد بن عباس ..,
وكان قيام النثر السلطاني على السجع شر ما ابتلي به النثر الديواني الاندلسي في تقليد المشارقة , وكان كتاب ذلك النثر هم فرسان الحياة السياسية في أيام الطوائف والمرابطين ومنهم ابومحمدبن عبد البر وابن الجد وابن القصيرةوابن لبي الخصال وغبرهم , وتعرف ميزة الكاتب منهم باللباقة التي يستطيع بها ان يهادن اويهدد او يعزي اويهنيء او يجد التسويغ المناسب لحادثة ما......
ومهما تكن نظرتنا الى هذا النوع الديواني من النثر , فثمة حقيقة لا يمكن ان نغفلها وهي أن الاندلسيين كانو
يقدرون بعض النماذج من ذلك النثر الديواني ويحفظونها ويحيطونها بالاعجاب....
فن المقامات :..
في أواخر العصر السابق ـ عصر سيادة قرطبةـ وصلت الاندلس مقامات بديع الزمانورسائله, وكان اول من
المتذوقين لها الناسجين على منوالها ابن شهيد , وأكثر ما أعجبه فيها تلك القطع الوصفية , ولذلك انشأ على مثالها قطعاًمن وصف الماء والبرغوث والثعلب والحلوى ..., وعرضت على ابي المغيرة ابن حزم رسالة لبديع الزمان في الغلام الذي خطب اليه وده بعد ان عذّر فعارضها بأخرى ولكن يبدو ان الاهتمام بمعارضة المقامات لم يكن غرضاً للكتاب حينئذ بل ان الاهتمام بمقامات الحريري حين ظهرت كان أشد , اذ أقبل الكتاب على معارضتها ومنهم ابن شرف القيرواني , ولعل سر ذلك راجع الى الصلة بين بعض الاندلسيين والحريري , فقد وجد منهم من سمع منه مقاماته , ومن هؤلاء احمد بن محمد بن خلف الشاطبي....
ومن الاندلسيين الذين شرحوا مقامات الحريري محمد ابن لحمدبن سليمان المالقي الاصل ومنهم عبد الله بن ميمون الغرناطي وكل هذا يصور مدى أهتمامهمبمقامات الحريري والشروح التي حصلوا عليها من الشرق....,
اما ما انتجه الاندلسيون من مقامات سواء أكانت معارضة للبديع او للحريري فأنه يشغل الفترة القائمه بين
ابن شهيد حتى القرن التاسع الهجري وفي مايلي أهم ما قدموه في هذا الفن سواء وصلتنا صورته اوعرفنا أسمه
فقــــــــــــط :.....
1 _ مقامتان لابي عبد الله بن شرف القيرواني .
2 _ مقامة لابيحفص عمر بن الشهيد
3 _ مقامة للاديب أبي محمد بن مالك القرطبي
4 _ مقامة لابن المعلم
5 _ مقامة لابن ابي الخصال عارض بها الحريري
6 _ المقامات اللزومية للسرقسطي الاشتركويي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ